من بين أساسيات المطهر الخطيئة والعقاب، فالخطايا بينها تفاوت وليس على مستوى واحد، وهكذا يكون العقاب فهو مختلف باختلاف الخطيئة، لابد أن يكون القصاص عادلا. لذلك سوف نوضح التفاوت بين الخطيئة، ثم العقاب.
أولاُ: التفاوت بين الخطيئة[5]
التفاوت بين الأشياء هو من طبيعة الحياة، ليس هناك أشياء على مستوى واحد، ما هو جميل يوجد اجمل منه، وما هو قبيح يوجد اقبح منه وهكذا ………وفي الخطيئة يوجد هذا التفاوت، ففيها الخطيئة الكبيرة والصغيرة، يوجد ما يصلى من اجلها وما لا يصلى من اجلها؛ وتسميها الكنيسة في لاهوتها الخطيئة المميتة، والخطيئة العرضية، هناك الخطيئة التي تغفر والتي لا تغفر.
كما أن هناك الخطيئة التي تؤدى إلى الموت جهنم الأبدية، والخطيئة التي لا تؤدى إلى جهنم ولكنها أيضا لا يدخل بها الإنسان السماء، وهنا المطهر حيث التطهير من هذه الشوائب للخطيئة. لهذا الكلام أدلة في الكتاب المقدس، العهد الجديد.
* متى 3:7-5
لماذا تنظر إلى القذى الّذي في عين أخاك والخشبة التي في عينك أفلا تأبه لها؟ بل كيف تقول لأخيك: “دعني اُخرج القذى من عينك فها هي ذي الخشبة في عينك”، أيها المرائي أخرج الخشبة من عينك أولاً وعندئذٍ تبُصر فُتخرج القذى من عين أخيك».
* القذى:هي الشيء الّذي يقع في العين ويرى بصعوبة، لصغر حجمها و يستخدمها السيد المسيح ليُشبه بها الخطيئة الصغيرة التي لا تؤدى، إلى هلاك الإنسان. ولكن أيضا لا يجب أن تهُمل لكن لابد التخلص منها أيضا.
* الخشبة: شئ معروف من الجميع، حجمها وتأثيرها إذا أصيب بها إنسان. ويستخدمها السيد المسيح ليُشبه بها الخطيئة الكبيرة التي تقف حائل بين الإنسان وأخيه الإنسان. بل وذاته والتي قد تؤدى إلى هلاك الإنسان. إذا واضح من النص أن هناك تفاوت بين الخطايا (القذى – الخشبة).
* يو16:5-17
«إذا رأي أحد أخاه يرتكب خطيئةً لا تؤدى إلى الموت فليُصلِّ، والله يهب له الحياة (أعنى الّذين يرتكبون الخطايا التي لا تؤدى إلى الموت، فهناك الخطيئة التي تؤدى إلى الموت ولست اطلب الصلاة لها) كل معصيةٍ خطيئةٍ ولكن هناك الخطيئة التي لا تؤدى إلى الموت».
* يوضح ويؤيد هذا الكلام قول السيد المسيح في متى 31:12-32 “لذلك أقول لكم: كل خطيئة وتجديف يغفر للناس أما التجديف على الروح، فلن يغفر. ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر، له أما من قال على الروح القدس، فلن يغفر له لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة”. التفاوت في الخطايا يكون في الخطايا المميتة ذاتها و الخطايا العرضية ذاتها.
- من هذه الآيات يتضح لنا أن ليس الخطايا على نفس المستوى، لكن هناك الخطيئة التي تُغفر والخطيئة التي لا تُغفر. ولا ننسى قول القديس بولس إلى روما “إن أجرة الخطيئة الموت” رو25:6.هذه الخطيئة هي الخطيئة المميتة وهذا ما يذكره القديس يوحنا “هناك خطيئة للموت”.
- هذا التفاوت بين الخطايا يدعنا نرى أيضا التفاوت في العقاب،وذلك حسب قوله:”يُجازي كل واحدٍ حسب أعماله”. متى 27:16.
ثانياُ: عقاب الخطيئة
بداية نقول إن غفران الخطيئة شئ، وعقاب الخطيئة شئ آخر، فغفران الخطايا لا يمنع من العقاب والتكفير عنها واشتراكنا في آلام المسيح وحيث نتألم معه نتمجد معه رو17:8.
فالعقاب هو بمثابة تطهير للنفس، كما تطهر النار الحديد من الصدأ ليرجع إلى طبيعته الأولى، هذا العقاب يكون على قدر الخطيئة، يقول السيد المسيح ” يكال لكم بما تكيلون ” متى1:7.
* عقاب الخطيئة في الكتاب المقدس
داود النبي في ثلاثة خطايا: الزنى والقتل وإحصاء الشعب. في الثلاثة خطايا هذه كان داود يندم ويتوب وينقل الرب عنه الخطيئة فلا يموت ولكن كان لابد له من العقاب.
·الحادث الأول الزنى والقتل 2 صم 11 ارتكب داود الخطيئة مع امرأة اُوربا وقتل زوجها وكلنا نعرف الحادث.
غفران خطيئة داود 2صم 13:12
اعترف داود بخطيئة أمام الرب الّذي اخبره عن طريق ناثان النبي، “فقال داود: قد خطأت إلى الرب. فقال له النبي: إن الرب أيضا نقل عنك خطيئتك فلا تموت أنت”، لكن العقاب لن ينقل عن داود.
عقاب الخطيئة 2صم 10:12-14
“والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد وسأخذ زوجاتك وأدفعهن إلى غيرك، والابن الّذي يولد لك من بيتشابع يموت”. فعقاب الزنى الّذي كان في السر هو هتك عرض عشر من زوجاته علاناً. وعقاب قتل اُوريا، هو قتل ثلاثة من أبناءه.
· الحادث الثاني إحصاء الشعب (الكبرياء): 2 صم2:24 “طف مع أعوانك في جميع أنحاء المملكة من دان إلى بئر سبع وأحصوا الشعب لكي اعلم عددهم “.
اعتراف بالخطيئة “قد خطأت جدا فيما صنعت والآن يارب انقل إثم عبدك لأني بحماقة عظيمة فعلت” 2صم 10:24.
العقاب «كان كلام الرب إلى “جاد” النبي: امضي وقل لداود، هكذا يقول الرب: “إني عارض عليك ثلاثا. فأختر لنفسك واحد منها فأنزلها بك، أ تأتي عليك سبع سني جوع في أرضك، أم تهرب أمام أعدائك ثلاثة اشهر، أما يكون ثلاثة أيام وباء في أرضك؟» 2صم 11:24-12.
وبعد أن اختار داود العقاب وهو الوباء فبعث الرب في كل إسرائيل وباء شديدا جدا فمات من الشعب سبعون ألف رجل. لقد اهلك داود بخطيئته سبعين ألف رجلا. حيث الخطيئة هناك العقاب الّذي يرجع به الإنسان إلى طبيعته الأولى ويتمم الغفران. هذا العقاب الّذي هو بمثابة تكفير إن لم يكتمل في هذه الدنيا، لابد أن يكتمل في الآخرة أي في المطهر قبل الدخول إلى الحياة الأبدية.